رواية شونيا للكاتب والمعلم الروحي الهندي سري إم ليست مجرد عمل أدبي تقليدي، بل تجربة روحية وفكرية مكتوبة بلغة السرد الروائي. العنوان نفسه "شونيا" )Śūnya )مأخوذ من السنسكريتية ويعني "الفراغ" أو "العدم"، وهو مفهوم فلسفي وروحي عميق في تقاليد الشرق، يشير إلى الفراغ الذي يتجاوز الشكل والمادة ليكشف عن االمتالء الكامن وراءهما. في هذه الرواية يستخدم سري إم أدوات األدب لنسج حكاية تتجاوز الزمان والمكان، تربط القارئ باألسئلة الكبرى حول الوجود، الهوية، والغاية من الحياة. الشخصيات في شونيا ليست مجرد أفراد ضمن حبكة، بل رموز لمسارات روحية وفكرية، تسعى كل منها إلى استكشاف ذاتها في مواجهة أسئلة الحقيقة والمعنى. ومن خالل تنقلها بين طبقات الواقع المادي والميتافيزيقي، تفتح الرواية باًبا للتأمل في العالقة بين الداخل والخارج، بين اإلنسان والكون. تتمّيز شونيا بأنها ال تعظ القارئ مباشرة، بل تضعه أمام صور سردية وحوارات تمزج بين الفلسفة والشعر والرمزية. فهي تحاكي نصوص الحكمة الشرقية القديمة، لكنها مكتوبة بروح معاصرة تجعلها متاحة لجيل جديد من الق ّراء الباحثين عن تجربة معرفية وجمالية في آن واحد. سري إم )مواليد 1949( كاتب، معلم روحي، ومحاضر عالمي، ُولد ونشأ في والية كيراال في الهند. رحل في سن مبكرة إلى هماليا، حيث تتلمذ على يد شيوخ ومتروحين كبار، قبل أن يعود ليك ّرس حياته للتعليم والتأليف وبناء جسور بين األديان والثقافات. ُعرف بكتاباته التي تزاوج بين السرد الروائي والخطاب الفلسفي، مثل سيرته الذاتية الشهيرة Master Himalayan a to Apprenticed التي القت انتشا ًرا واسًعا. يمثل سري إم تيا ًرا معاص ًرا في الفكر الروحي الهندي، يدعو إلى االنفتاح، التعايش، والبحث الفردي عن الحقيقة بعيًدا عن االنقسامات الدينية أو األطر المذهبية. ومن خالل أعماله األدبية مثل شونيا ينقل هذه الرؤية إلى القراء في صياغة أدبية نابضة بالحياة. إن إصدار شونيا بالعربية يفتح أمام القارئ نافذة على أدب روحي نادر، يربط الفلسفة الشرقية باألسئلة الكونية التي تشغل كل إنسان، بغض النظر عن ثقافته أو دينه. إنه كتاب يتجاوز حدود السرد الروائي ليصبح رحلة تأملية في معنى أن نكون، وفي الفراغ الذي يخفي في داخله سر االمتالء.